الشركات الأمنية الخاصة ودورها في العلاقات الدولية: شركة فاغنر أنموذجًا
الملخص
تعد الشركات الأمنية الخاصة إحدى الفواعل الدولية غير الرسمية، وازداد تأثيرها في العلاقات الدولية نتيجة الأدوار التي تؤديها في مناطق الصراعات؛ ويرجع ذلك لسهولة التعاقد معها بعيدًا عن القيود القانونية المحلية والتبعات الدولية لإرسال الجيوش النظامية لدولة ما. ولا يقصد بالشركات الأمنية في هذه الدراسة تلك الشركات الخدمية التي تتولى تأمين المنشآت المدنية داخل دولها، أو حتى خارجها، وإنما المعنية محل الدراسة هي تلك الشركات التي تؤدي من مهام الجيوش النظامية خارج حدود دولها، بصرف النظر في الدافع الرئيس لمسؤولي تلـك الشــركات وطبيعة العلاقـات مع الجهات الحكومية، سواء كان الدافــــع هـو المـال أو لجوء الحكومات إلى الاعتماد عليها في تنفيذ سياساتها الخارجة على القوانين المحلية والدولية.
في ظل التطورات الراهنة التي تشهدها الساحة الدولية من صراعات ونزاعات والتي مسّت ليبيا، أثار اعتماد الدول الكبرى للشركات العسكرية والأمنية الخاصة نفورًا بشأن عدم احترام القوانين الدولية لحقوق الإنسان؛ وكذا فرض نفوذها للوصول إلى الثروات الطبيعية واستغلالها وحماية المصالح الاقتصادية والجيوسياسية، فالعالم اليوم يشهد تفشي ظاهرة الخصخصة وتخلي بعض الدول عن هيمنتها التقليدية لصالح الأفراد والجماعات ولا سيَّما في مجال الأمن؛ وبمفهوم آخر فإن خصخصة الأمن هو توجه تقوم به الدول بتحويل جزء من مهامها الأمنية والعسكرية إلى القطاع الخاص للحفاظ على أمنها.
ويلحظ تراجع دور الجيش النظامي في بعض الدول لصالح خدمات الشركات الأمنية والعسكرية الخاصة التي أصبحت فاعلًا غير رسمي لا يتجزأ من النزاعات والصراعات القائمة، كونها أصبحت تهدد أمن الدول نظرًا لعدم قانونية أعمالها وعدم تحديد مهامها رسميًا، فضلًا عن تورطها في الأعمال الإجرامية لكونها تضم المرتزقة الذين لهم تجربة واسعة في المجال العسكري.